مختارات:
| 0 التعليقات ]

صحيح أن العيش في الغربة أمر صعب، لكن الأصعب هو أن يعيش الإنسان حياته في غربة دائمة بلا أب حنون ولا أم عطوف ولا شقيق شقي ينازعه في فراشه وملبسه، ليس بفعل رغبة في الابتعاد عن الأهل، ولكن بفعل خطيئة ارتكبها الأب والأم وتركوا طفلهم يكابد قسوة الحياة ونظرات المجتمع.
وتبدو الغربة موحشة بشكل أكبر عندما تجد الطفلة رغد-مجهولة النسب- نفسها في شهر فضيل كشهر رمضان، تتلمس الحنان في قلوب المربيات اللواتي يقمن على رعايتها وعدد من الأطفال الآخرين جمعتهم الأقدار ليقطنوا في مؤسسة مبرة الرحمة للأطفال.
ملاطفة الطفلة رغد لم ينتج عنه سوى ابتسامة ناقصة لا تحمل أية معنى..خجولة بطبعها، تخفي الحزن الساكن في قسمات وجهها بين الحين والآخر، عن الناظر إليها.
في ساعات نهار رمضان تقضي الطفلة وقتها متنقلة بين التلفاز وقراءة القرآن، كما هو الحال مع الأطفال الآخرين الأيتام الذين يبلغ عددهم تسعة عشر طفلا.
ويبدأ يوم الطفلة رغد والأطفال معها في رمضان، عند التاسعة صباحا بقراءة القرآن والأذكار الصباحية، ثم ينتقلون للمكتبة للبحث عن حلول لأسئلة المسابقة الرمضانية التي أعدتها "المبرة" لتحفيزهم، ثم يستغلون وقت القيلولة في الراحة. 
تقول رغد في الحادية عشر من عمرها:"نشغل أنفسنا بحل أسئلة المسابقة ومطالعة بعض الكتب في المكتبة الخاصة بالمؤسسة، وأحيانا نستمتع بمجيء الحكواتي الذي يقص علينا القصص والحكايات".
عصرا تساعد الطفلة رغد قمحية البشرة، المربيات في إعداد طعام الإفطار، فيما تهم بعد الإفطار للخروج معهن للمسجد لأداء صلاة التراويح.
ولإشعار الأطفال مجهولي النسب بالتكاثف الاجتماعي، يحاولن المربيات مرافقهم إلى منازلهن، ويجذبن لهن الهدايا، ويرافقنهن في رحل مختلفة.
وتقول خلود غانم وهي مربية تشرف على تربية ستة أطفال من بينهم رغد :"ندعو الأطفال إلى بيوتنا بين حين وأخر.. نعاملهم كما لو أننا أمهاتهم، نشاركهم في اختيار المأكل والملبس ونستمع إلى مشكلاتهم، ونساعدهم في حلها".
ويلتف الأطفال مجهولي النسب حول التلفاز مع حلول التاسعة مساءً، وهو الموعد الذي يبث فيه مسلسل "باب الحارة" والذي يحظى بمتابعة غزية واسعة.
وتقول رغد والابتسامة موسومة على محياها : "نتابع مسلسل باب الحارة..نشاهد التلفاز ولكن بأوقات محددة". 
من ناحيته قال مؤمن بركات مدير مؤسسة مبرة الرحمة للأطفال: "نحن حريصون على راحة الأطفال، ولا نشعرهم بأنهم غرباء..نشاركهم في جميع مناحي الحياة، حتى لا يشعروا بالنقص"، مبينا أن الأطفال مجهولي النسب يعيشون كما لو أنهم في بيوتهم، خاصة في شهر رمضان.
ويلفت بركات إلى أن المبرة تعمل على إشراك الأطفال في الزيارات العائلية لمنازل المربيات والنزهات المسائية للمناطق الترفيهية. 
وأشار إلى أن هناك ستة مربيات يقمن على رعاية الأطفال رعاية كاملة، ويقمن معهن ليل نهار، قائلا: "المربية أم بديلة تربي وترعى وتعد الطعام والشراب، وتحضر الملبس أيضا".

0 التعليقات

إرسال تعليق